الذئب والثلاث عنزات
بقلم: ليلى حاج
في حقل أخضر مزهر كانت تعيش ثلاث عنزات, عنزة سوداء, الثانية بنيه اللون والثالثة بيضاء اللون. كل صباح تخرج الثلاث عنزات للهو واللعب في الحقل ألأخضر. تأكل العشب فرحة سعيدة دون أن تكترث أو تخاف من أي شيء.
في أحد ألأيام, بينما كانت العنزات لاهية, عابثة في الحقل, ظهر لها ذئب, وأخذ يهددها أنه سوف يفترسها الواحدة تلو ألأخرى. خافت هذه العنزات, وقررت أن تحمي نفسها من خطر الذئب وتهديده لها.
عقدت العنزات عدة اجتماعات بينها, حتى تتوصل إلى قرار يرشدها إلى كيفية رد خطر الذئب المحيط فيها. كانت المفاوضات تطول أحيانا وأحيانا تقصر, ويطول النقاش في أفضل الطرق التي تساعدها في رد خطر هذا الذئب المعتدي عليها, والذي يهدد أمنها وسلامتها.
بعد نقاش وجدال طويل, توصلت هذه العنزات إلى قرار, وهو أن تقوم كل عنزة ببناء بيت خاص فيها يحميها من خطر الذئب. قالت العنزة البيضاء: " أنا سوف أبني بيتي من القش, لأن القش موجود في كل الحقل, ولن أحتاج إلى أن أتعب نفسي من أجل جمعه, كذلك لا يوجد الوقت الكافي كي أذهب خارج الحقل لأني سوف أبني بيتي بسرعة حتى أحمي نفسي من الذئب". قالت هذا, وبدأت بجمع القش لبناء البيت.
أما العنزة البنية اللون, فقالت: " أن بيت القش يطير بسهولة أذا هبت رياح قوية, لهذا سوف أبني بيتي من الخشب الموجود على أطراف الحقل من ألأشجار اليابسة والمتكسرة". قالت هذا, ا وقررت البدء بجمع الخشب من الحقل, لأن جمع الخشب لن يحتاج الكثير من الجهد, ربما يوم أو يومين, بعدها تكون قد بنت بيتها الذي يحميها من خطر الذئب.
أما العنزة السوداء, قالت: " أنا سوف أبني بيتي من الطوب والحجارة الجيدة والقوية, ولن أتنازل عن بناء بيت قوي يحميني من خطر الذئب". قالت العنزتان معا: " لكن لا يوجد معنا الكثير من الوقت, والذئب يهددنا كل يوم". ألا أن العنزة السوداء لم تستمع إلى نصيحة صديقتيها, وراحت تعمل بجد واجتهاد, تحمل الحجارة الثقيلة من مكان بعيد عن الحقل, وتأتي فيها وهي متعبة من حملها, وتبني بيتها بكل دقة و إتقان, ولم تترك أي فراغ , يمكن الذئب من النظر عبره إلى داخل البيت.
بعد أن انتهت العنزات الثلاث بناء بيتها, جلست كل عنزة في بيتها سعيدة لأن البيت الذي بنته بيديها, سوف يحميها من خطر الذئب المحيط فيها.
بعد عدة أيام جاء الذئب إلى الحقل, نظر إلى بيت العنزة البيضاء, الذي هو من قش, نفخ فيه نفخة واحدة, فطار كل القش, وبقيت العنزة لوحدها مقابل الذئب, فأكلها مستمتعا في ذلك. في اليوم الثاني جاء إلى الحقل, وقرر هدم بيت العنزة البنية, فلم يتعب كثيرا في ذلك, لقد كانت رفسة واحدة على البيت المصنوع من الخشب, فإذا هو يهوي على ألأرض, وكأنه لم يكن, وبقيت العنزة البنية وحدها مقابل الذئب الشرس, الذي أكلها مستمتعا فيها وجبة لذيذة.
وجد الذئب نفسه قويا ويستطيع هدم كل بيت, لهذا قرر أن يهدم بيت العنزة السوداء ويأكلها. جاء إلى الحقل, وكله أمل أن ذلك لن يأخذ منه الكثير من التعب. نفخ على البيت فلم يسقط, رفسه فلم يقع, نطحه برأسه وجسمه,لكن لم يتحرك البيت من مكانه, ألا أن الذئب لم يستسلم وتابع المقاومة إلى أن خارت قواه وسقط على ألأرض مغشيا عليه, عندما رأت العنزة السوداء, أن الذئب قد سقط على ألأرض فاقدا الوعي, اقتنصت الفرصة, وخرجت من بيتها ونطحنه بقرنيها القريتين عدة مرات, إلى أن قضت عليه.
هكذا عرفت العنزة السوداء أن البيت القوي, حماها من خطر الذئب المفترس, فأحبت بيتها وشجعت كل العنزات على التعاون الدائم على بناء بيتها من الحجارة والطوب, لأن العمل الجاد من أجل الحفاظ على السلامة العامة خير ألف ألف مرة من الندامة على فقدانها.