ابنيالحبيب هذه حقوقك فاستمسك بها
قال تعالى : ]وَقُلِ الْحَقُّ مِن رَّبِّكُمْ فَمَن شَاء فَلْيُؤْمِن وَمَن شَاء فَلْيَكْفُرْ[ [الكهف: 29] .
ابني الحبيب :
الإسلام جاء بالشورى قال تعالى : ]وَشَاوِرْهُمْ فِي الأَمْرِ[ [آل عمران: 159] ، ] وَأَمْرُهُمْ شُورَى بَيْنَهُمْ [ [الشورى: 38] والرسول صلى الله عليه وسلم أمر الأنصار في بيعة العقبة أن ينتخبوا نوابهم فاختاروا اثنى عشر واحدًا منهم ، وهذه أول مرة في التاريخ يتم انتخاب النقباء والنواب .
أنا لا أحب أن أعطيك كبسولات معلوماتية جاهزة ولكن عليك البحث في كل ما أكتبه لك بنفسك لتتعلم دينك بنفسك ولترى بنفسك عظمة هذا الدين ، لا تتهيب الموضوع ، ولكن اقبل وتعلم وسوف تعلم بأن الأمر ميسر طالما كانت عندك الدافعية للتعلم والمعرفة ، وعندك النية الخالصة للوصول إلى الحق .
صاحب البضاعة المتميزة يتركك تقلب فيها بنفسك ، وتتفحصها ، وتختبرها وتعرضها على المختصين ، والله تعالى يقول : ]قُلْ هَاتُواْ بُرْهَانَكُمْ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ[ [البقرة: 111] .
ابني الحبيب : ساوى القرآن الكريم وساوت السنة النبوية المطهرة بين المرأة والرجل وميز المرأة على الرجل في العديد من النقاط ، على عكس ما يفهم معظم الناس .
فالله تعالى يقول : ]وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ[ [البقرة: 228] . قال المفسرون هذه أَدَلُّ آية على مساواة الرجل والمرأة ، والرسول صلى الله عليه وسلم يقول : ( إنما النساء شقائق الرجال ) [رواه أبو داود] ، وجعل الله الطلاق حق للرجل ، والخلع حق للمرأة ، والمرأة تنشز والرجل ينشز ، قال تعالى : ]وَإِنِ امْرَأَةٌ خَافَتْ مِن بَعْلِهَا نُشُوزاً أَوْ إِعْرَاضاً فَلاَ جُنَاْحَ عَلَيْهِمَا أَن يُصْلِحَا بَيْنَهُمَا صُلْحاً[ [النساء: 128] . هذا في حق نشوز الرجل ، أما في حق نشوز المرأة فقال تعالى : ]وَاللاَّتِي تَخَافُونَ نُشُوزَهُنَّ فَعِظُوهُنَّ وَاهْجُرُوهُنَّ فِي الْمَضَاجِعِ وَاضْرِبُوهُنَّ[ [النساء: 34] .
وهناك ثلاثون حالة ترث المرأة فيها مثل الرجل أو أكثر منه ، وأربع حالات فقط ترث المرأة أقل من الرجل ، والأخت تأخذ نصف الميراث دون أي أعباء والتزامات ، والأخ يأخذ ضعف الأخت وعليه تجهيز بيت الزوجية ، ودفع المهر ، وتكلفة الزواج ,وأعباء الحياة المالية , ورعاية محارمه من النساء المحتاجات لتلك الرعاية ، الموضوع شائق فعليك دراسته ، وقد ميز الله المرأة عن الرجل في المسكن والنفقة والرعاية من قبل الرجل وقد أوصى المصطفى صلى الله عليه وسلم بالنساء طوال حياته وخاصة في حجة الوداع وخطبة حجة الوداع فقال صلى الله عليه وسلم : ( استوصوا بالنساء خيرًا ) جزء من خطبة الوداع [رواه البخاري ومسلم] .
ابني الحبيب :
جعل الله لزوجك عليك حقوقًا ، وجعل لك عليها حقوقًا تحفظ عليك بيتك ودينك وعرضك ومالك وكرامتك وصحتك النفسية ، وهذه الحقوق لا توجد إلاَّ في شرع الله ودين الله دين العدل والعطف والرحمة وإعطاء كل ذي حق حقه .
ابني الحبيب : كفل الإسلام لك حق العمل وحفظ لك حقك في العمل في الدنيا والآخرة ؛ قال تعالى : ] وَقُلِ اعْمَلُواْ فَسَيَرَى اللّهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ وَالْمُؤْمِنُونَ وَسَتُرَدُّونَ إِلَى عَالِمِ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ فَيُنَبِّئُكُم بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ [ [التوبة: 105] ، وقال تعالى : ] فَإِذَا قُضِيَتِ الصَّلَاةُ فَانتَشِرُوا فِي الْأَرْضِ وَابْتَغُوا مِن فَضْلِ اللَّهِ وَاذْكُرُوا اللَّهَ كَثِيراً لَّعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ [ [الجمعة: 10] ، وجعل الله التفضيل بين العباد بالتقوى والعمل الصالح ؛ قال تعالى : ] وَلِكُلٍّ دَرَجَاتٌ مِّمَّا عَمِلُواْ [ [الأنعام: 132] ، وقال صلى الله عليه وسلم : ( لأن يأخذ أحدكم حبلة فيحتطب خير له من أن يسأل الناس أعطوه أو منعوه ) [رواه البخاري] .
فكل جهد نافع وكل عمل شريف ، والأعمال اليدوية مقررة شرعًا ومطلوبة في الدين ، ولك حق العمل وحق الامتناع عنه .
ابني الحبيب :
لجميع أقرانك في المجتمع حق العيش في وطنهم مع اختلاف معتقداتهم وأديانهم ومذاهبهم ، فالاختلاف سنة من سنن الله في الخلْق ، ولكن الخطير أن يتحول هذا الاختلاف إلى خلاف ونزاع وشقاق وفشل . قال تعالى : ]وَأَطِيعُواْ اللّهَ وَرَسُولَهُ وَلاَ تَنَازَعُواْ فَتَفْشَلُواْ وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ وَاصْبِرُواْ إِنَّ اللّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ[ [الأنفال: 46] ، هذا هو الاختلاف المذموم ، فتعامل مع جيرانك بحب ، وتعايش معهم في سلام ، وابتعد عن مواطن الفتن ، وخاصة الفتن الدينية والعرقية والمذهبية ، وما يترتب عليها من فتن عامة . قال تعالى : ]وَاتَّقُواْ فِتْنَةً لاَّ تُصِيبَنَّ الَّذِينَ ظَلَمُواْ مِنكُمْ خَآصَّةً وَاعْلَمُواْ أَنَّ اللّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ[ [الأنفال: 25] .
-شديد العقاب لمن تسبب في الفتنة .
-شديد العقاب لمن ساهم في الفتنة .
-شديد العقاب لمن رضى الفتنة .
-شديد العقاب لمن ساعد على استمرار الفتنة .
-شديد العقاب لمن لم يحاول إخماد الفتنة .
فاحذر ابني الحبيب أن تكون واحدًا منهم .
وهنا أحذرك من العمل السري والتنظيمات السرية التي تثبت بالأدلة العلمية والبراهين التاريخية فشلها وخطورتها فهي أوكار الشياطين والمفسدين وهي منظمات مخترقة ومكشوفة وضررها أكثر من نفعها ، كما أحذرك من العنف واستخدامه في الحياة والدعوة إلى دين الله جل وعلا .
عليك بالتربية ، والتعليم ، والعمل الخيري الرسمي الواضح إن كنت راغبًا في الإصلاح ، فالتربية تصلح ، والانقلابات والتنظيمات السرية تؤدي إلى الفتن .
أنت لك حق العمل والإصلاح ، وللمجتمع الحق في الأمن والأمان والاستقرار والتغيير العلمي التربوي طويل المدى .
ابني الحبيب :
الحلول الودية والأخوية هي الطريق الأمثل لحل المشكلات , ومع ذلك فأنت لك حق التقاضي وحق القضاء العادل وقد أمر الله بالعدل بين الناس وأجمع المسلمون على مشروعية القضاء والدولة لإقامة الحق والعدل بين الناس ، والجميع أمام القضاء سواء ، قال تعالى : ]يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ كُونُواْ قَوَّامِينَ بِالْقِسْطِ شُهَدَاء لِلّهِ وَلَوْ عَلَى أَنفُسِكُمْ أَوِ الْوَالِدَيْنِ وَالأَقْرَبِينَ إِن يَكُنْ غَنِيّاً أَوْ فَقَيراً فَاللّهُ أَوْلَى بِهِمَا فَلاَ تَتَّبِعُواْ الْهَوَى أَن تَعْدِلُواْ وَإِن تَلْوُواْ أَوْ تُعْرِضُواْ فَإِنَّ اللّهَ كَانَ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيراً[ [النساء: 135] ، وقال تعالى : ]إِنَّ اللّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالإِحْسَانِ وَإِيتَاء ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاء وَالْمُنكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ[ [النحل: 90] .
وهذه الآية جمعت الخير كله وأمرت به والشر كله فنهت عنه ، هذا دينك فلا تنخدع بغيره ، فالعدل كل العدل في دين الله ] مَّن يَشْفَعْ شَفَاعَةً حَسَنَةً يَكُن لَّهُ نَصِيبٌ مِّنْهَا وَمَن يَشْفَعْ شَفَاعَةً سَيِّئَةً يَكُن لَّهُ كِفْلٌ مِّنْهَا وَكَانَ اللّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ مُّقِيتاً [ [النساء: 85] .
كما يقر الإسلام العدل بين الناس جميعًا .
ابني الحبيب :
هذه أهم حقوقك في الحياة قد جعلها الله دينًا واجب النفاذ وتوعد من يخالف ذلك بالعذاب المهين ، هي حقوق يجب أن تؤدي بك إلى العمل بوصية المصطفى صلى الله عليه وسلم ( اتق الله حيثما كنت ) .
هذا يا ابني الحبيب ما قصدت أن أقوله لك حتى لا يقول لك آخر أن الإسلام ليس فيه حقوق للإنسان أو أن الإسلام ظلم المرأة .
وعليك يا ابني بإتقان عملك ؛ فالرسول صلى الله عليه وسلم يقول في الحديث المتفق عليه : ( إن الله يحب إذا عمل أحدكم عملاً أن يتقنه ) فاعمل عملك بحب وإبداع وإتقان .
واعلم أن العبادة في الإسلام تشمل كل ما تقوم به من عمل نافع وصالح في الحياة وأن الشعائر جزء من العبادة مهمتها إصلاحك لتنجح في باقي العبادات في العمل ، والمجتمع ، والبيت كما قال تعالى : ]قُلْ إِنَّنِي هَدَانِي رَبِّي إِلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ دِيناً قِيَماً مِّلَّةَ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفاً وَمَا كَانَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ * قُلْ إِنَّ صَلاَتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ * لاَ شَرِيكَ لَهُ وَبِذَلِكَ أُمِرْتُ وَأَنَاْ أَوَّلُ الْمُسْلِمِينَ * قُلْ أَغَيْرَ اللّهِ أَبْغِي رَبّاً وَهُوَ رَبُّ كُلِّ شَيْءٍ وَلاَ تَكْسِبُ كُلُّ نَفْسٍ إِلاَّ عَلَيْهَا وَلاَ تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى ثُمَّ إِلَى رَبِّكُم مَّرْجِعُكُمْ فَيُنَبِّئُكُم بِمَا كُنتُمْ فِيهِ تَخْتَلِفُونَ * وَهُوَ الَّذِي جَعَلَكُمْ خَلاَئِفَ الأَرْضِ وَرَفَعَ بَعْضَكُمْ فَوْقَ بَعْضٍ دَرَجَاتٍ لِّيَبْلُوَكُمْ فِي مَا آتَاكُمْ إِنَّ رَبَّكَ سَرِيعُ الْعِقَابِ وَإِنَّهُ لَغَفُورٌ رَّحِيمٌ[ [الأنعام: 161-165] .
أأمل يا ابني الحبيب أن تعاود قراءة الآيات السابقات مرات ومرات وتعلم ونتعلم معانيها لترى فيها الفوز العظيم .
بقى يا ابني أن أقول لك أن الله شرع لنا الدين لصالحنا ليحفظ علينا الدين والنفس ، والعقل ، والنسل والمال وهذا ما يسميه علماء المسلمين بالمقاصد العامة للشريعة الإسلامية ، أو الكليات الخمس ، وبذلك يكون الدين قد حفظ عليك مصالحك وما ينفعك وأينما وجد شرع الله وجدت المصلحة الحقيقية ، وأينما وجدت المصلحة الحقيقية وجد شرع الله , وهذه بعض حقوقك التي كفلها الله لك فادرسها وتعلمها وتمسك بها على بصيرة ولا تستبدل بها ما هو أدنى منها بكثير ، وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين .