ألم الظهر ليس مرضاً بقدر ما هو عرض ينتج عن أنماط عديدة يتبعها الشخص في حياته، وقد لا ينجح الطب في تشخيص الأسباب لحوالي 85% من الأشخاص الذين يعانون من أعراض هذه الآلام .
وتحتل آلام الظهر المرتبة الثانية بعد نزلات البرد الشائعة . ويصنفها الأطباء عادة إلى: آلام ظهر حادة إذا استمرت لأقل من شهر، وآلام ظهر مزمنة إذا استمرت لفترة أطول من شهر .
أسباب الإصابة بآلام الظهر:
* بما أن ألم الظهر عرض، فإن الألم قد يظهر بسبب وجود اعتلال في أعضاء أخرى يمتد تأثير الألم فيها إلى الظهر (Referred pain)، آلام متصلة بعرض آخر .
* اضطرابات البطن مثل التهاب الزائدة الدودية، أمراض الكلى، عدوى المثانة، عدوى الحوض، اضطرابات المبايض وتضخم الأوعية الدموية (Aneurysms) .
* الأورام قد تكون مصدراً لآلام الهيكل العظمي .
عدوى عظام العمود الفقري (Osteomyelitis, Sacroiliitis)، وتشتد الآلام سواء أثناء الليل أو أثناء الجلوس أو الوقوف لفترة طويلة من الزمن .
* متلازمة جذر العصب (Nerve root syndrome)، وتتمثل الأعراض كأن يكون هناك لمس في العصب نتيجة للفتق (Herniation)، أو نتوء في الديسك بين عظام الظهر السفلية . وعصب النسا هو مثال لملامسة منشأ العصب، وآلام الملامسة هذه تكون حادة ومحددة في مكان واحد وتؤدي إلى تنميل في منطقة الرجل التي يصل إليها العصب المتأثر .
* الفيبروميالجيا (Fibromyalgia)، وتحدث فيها آلام لحوالي 11 من 18 نقطة للاستثارة عند لمسها نقطة التحفيز (Trigger point)، وإحداها تلك التي توجد في منطقة الظهر السفلية . ومن أعراضها العامة التيبس والإرهاق وآلام العضلات .
* ألم اللفافة العضلية (Myofasical pain) حيث يفقد الإنسان قدرته على تحريك مجموعة العضلات المتأثرة، ويمتد الألم أيضاً إلى العصب المحيط . بوسع الشخص التخلص من هذه الآلام إذا قام بممارسة التمارين .
* متلازمة الألم العضلي الهيكلي(Musculoskeletal pain syndrome)، ومنها الفيبروميالجيا (Fibromyalgia) وألم اللفافة العضلية (Myofasical pain) .
متلازمة حدوة ذنب المخيخ (Cauda equine syndrome)، وهي حالة طبية طارئة، حيث تتمدد مادة الديسك في قناة العمود الفقري مما يؤدي إلى الضغط على الأعصاب . ولهذا يشعر الشخص بالآلام وفقد الإحساس واضطراب في الأمعاء أو المثانة مما يؤدي إلى صعوبة التحكم في البول من الاحتباس أو عدم القدرة على البدء بالتبول .
* ضيق في امتداد العمود الفقري (Spinal stenosis)، ويحدث ذلك عندما يفتقد القرص بين فقرتين (Intervertebral discs) الرطوبة والحجم نتيجة لتقدم العمر، وبالتالي تقل المسافات بين الاقراص (Discs) . ومع حدوث إصابة ثانوية تحت مثل هذه الظروف يؤدي الأمر إلى حدوث التهاب ولمس العصب الذي ينجم عنه ازدياد الحالة سوءاً، وظهور اضطرابات أخرى من عصب النسا من دون تمزق في الديسك (Disc rupture) .
* تنكس العمود الفقري (Spinal degeneration)، وسببه هو التغيرات التي تحدث في القرص المصاب، وتتأثر المفاصل وأسفل الظهر مما يؤدي إلى ضيق قناة العمود الفقري . وهذه التغيرات تنتج عنها أعراض تظهر عند الفحص بأشعة إكس .
والشخص الذي يعاني من انحلال العمود الفقري قد تظهر عليه الأعراض التالية:
* تيبس في الصباح .
* أو آلام عند الوقوف لفترة طويلة من الزمن .
* أو المشي لمسافات قصيرة .
فتاق الاقراص (Herniated discs)، وتنشأ هذه الحالة عندما تتعرض اقراص العمود الفقري إلى الانحلال أو يقل سمكها . فالجزء المركزي اللين الذي يشبه “الجيلي” من الديسك ينتأ من التجويف المركزي ويلامس العصب .
وتبدأ الاقراص الغضروفية (Intervertebral discs) بالانحلال في العقد الثالث من العمر، ونجد أن هذه الحالة منتشرة بين حوالي 1/3 البالغين الذين يبلغون من العمر أكثر من (20) عاماً، وحوالي 3% فقط من الحالات المصابة تحدث معها أعراض لمس العصب (Nerve impingement/ nerve is touched) .
أعراض آلام الظهر:
* حدوث الألم في الجزء السفلي من الظهر، وهو أول الأعراض لآلام الظهر
* امتداد الآلام للأرجل من الأمام والخلف ومن الجانبين .
* قد تزداد الآلام سوءاً عند بذل نشاط بدني .
* كما تزداد الآلام سوءاً اثناء الليل أو عند الجلوس لفترة طويلة في السيارة “رحلة طويلة” .
* قد يكون هناك تنميل أو ضعف في جزء الأرجل الذي يستقبل الإشارات العصبية من الأعصاب المتعرضة للضغط . ومن أمثلة ذلك: عدم القدرة على الوقوف على أصابع القدم، أو حمل القدم لأسفل
وهذا يحدث عندما يكون العصب الأول (First sacral nerve) متعرضاً لضغط إلاصابة .
أما المثال الثاني فهو عدم القدرة على رفع إصبع القدم الكبير لأعلى وهذا ناتج عن تعرض العصب الخامس للضغط (Fifth lumbar nerve) .
الوقاية والعلاج
تعتبر التمارين البدنية أحد أفضل السبل الوقائية لتجنب آلام الظهر ومعالجتها . وأفضل وقت للتمارين يكون بعد صلاة الفجر حيث يكثر غاز الأوزون الطبيعي والذي يؤثر مباشرة في الصحة، حيث ان الأوزون الذي تستعمله العيادات يكون مصنعاً وليس طبيعياً مثل الأوزون الموجود قبل شروق الشمس .
وتؤكد العديد من الدراسات أن الصلاة هي أفضل برنامج علاجي ووقائي لمشكلات الجسم عامة وبخاصة العظام والمفاصل، سواء كل حركات الصلاة أو بعضها فهي مفيدة .
ويقول الخبراء إن كل نوبات ألم الظهر تختفي مبدئياً وحدها، ولذلك يجدر بالاختصاصيين إجراء تشخيص بسيط ووصف علاج سهل بدل العثور على طرق معقدة للسيطرة على الألم والحؤول دون تكراره . ويستطيع معظم الأشخاص الشعور بالارتياح عند اتباع واحد أو اثنين من العلاجات الشائعة في هذا المجال .
وفي ما يأتي ثماني طرق مخففة للألم تستحق عناء التجربة .
الرعاية الذاتية
تؤدي الحركة اليومية مثل حمل الأشياء الثقيلة والجلوس الخاطئ إلى حدوث نوبات من الألم الحاد . ويفضل في هذه الحالات اتخاذ إجراءات فورية كتناول أحد المسكنات الشائعة مثل الإيبوبروفين أو الأسبيرين . وإذا عانى الإنسان ألم الظهر مجدداً، فعليه زيارة الطبيب للحصول على دواء أكثر فاعلية . وبما أن هذه النوبات المزعجة تختفي عموما بسرعة، فهناك ثمة احتمال ضئيل أن يصبح المريض مدمناً على مسكنات الألم .
كما ينصح الأطباء بوضع مكعبات الثلج على المساحة المؤلمة لمدة 15 دقيقة دفعة واحدة، بمعدل ثلاث إلى خمس مرات كل يوم . وإذا استمر الألم لأكثر من بضعة أيام، تستبدل أكياس الثلج بوسادة ساخنة شرط الحفاظ على النشاط قدر الإمكان طوال هذه الفترة .
وللحؤول دون تكرار النوبات لاحقاً، يجب النوم على فراش صلب ووضع وسادة بين الركبتين . واختيار الكراسي التي تدعم أسفل الظهر، والتفكير جيدا في الحركات التي تفاقم الألم . فبعض الأشخاص مثلا يتفادون الوقوف لفترات طويلة، أو رفع أشياء ثقيلة، أو إجهاد أنفسهم .
التدليك
يستطيع اختصاصي التدليك معالجة الظهر والمساحات المحيطة به على حد سواء . ويشعر بعض الأشخاص بتحسن فوري وطويل الأمد . فالفرك والدفع والعجن هي من الحركات التي تسرع الدورة الدموية في الظهر وترخي العضلات المتوترة . ويتوافر التدليك في أشكال عدة . وثمة دليل على أن تدليك الأعصاب والعضلات فعال خصوصاً في معالجة آلام أسفل الظهر .
الوخز بالإبر
في العام 1997 وجد الخبراء أن الوخز بالإبر مفيد فعلا في معالجة آلام أسفل الظهر . ويظن الباحثون أن الوخز بالإبر يحفز إطلاق الأندورفينات، أي مسكنات الألم الطبيعية في الجسم .
وقد وجدت إحدى الدراسات أن ثلثي المرضى الذين خضعوا للوخز بالإبر شعروا بتحسن ملحوظ . واللافت أن بعضهم شعر بهذا التحسن بعد الزيارة الأولى، فإذا أردت تجربة هذه التقنية، يفترض بك الشعور بالتحسن بعد الجلسة السادسة، وإلا عليك البحث عن حل آخر .
التمارين الرياضية
رغم ميل الانسان إلى المكوث لساعات أطول في الفراش، فقد تكون التمارين الرياضية المنتظمة هي الحل الأفضل لآلالم الظهر . ولكن يجب تفادي التمارين القوية فقط خلال الأيام الأولى من نوبات الألم الحادة . فقد أظهرت الدراسات أن الأشخاص الذين ينجزون العديد من الأشياء النشطة يميلون عموما إلى الشفاء بسرعة . ويجمع الخبراء على عدم وجود تمرين واحد يقضي على الألم . لكن ثمة فئتين أساسيتين، وهما التمارين الهوائية مثل المشي السريع، والتمارين المحترفة مثل تمددات الظهر التي تطيل عضلات ظهرك ومعدتك . ويمكنك تعلم هذه الحركات في النادي الرياضي على يد اختصاصي محترف .
تقنيات الاسترخاء
قد يجعل الإجهاد الجسم متوتراً ويفاقم ألم الظهر . لذا، فان تقنيات الاسترخاء تساعد على التخلص من مصادر التوتر التي تكمن وراء الألم . فقد استنتج الخبراء أن تقنيات التأمل والتنويم المغناطيسي قادرة على تخفيف الألم المزمن . ويقول العلماء إن هذه النشاطات تريح الجهاز العصبي، والمعروف أن بعض تقنيات الاسترخاء، مثل اليوغا والتاي تشي، تنطوي أيضا على تمارين رياضية .
المعالجة الفيزيائية
تبين أن تمارين التمدد والتقوية تساعد على التخفيف من آلام الظهر، وتعلم المريض كيفية التحرك من دون إيذاء نفسه . ولكن يجب اللجوء إلى معالج فيزيائي اولا لتعلم هذه التمارين الكفيلة بتبديد مشكلات الوضعية أو ضعف العضلات والخلل في التوازن الكامن ربما وراء ألم الظهر .
كما يعلمك المعالج الطرق الصحيحة لرفع الأشياء والانحناء .
وقد أشارت آخر الأبحاث إلى أن الدمج بين تمارين التقوية والتمدد من جهة وتمارين التحمل والآليات الصحيحة للجسم من جهة أخرى كفيل بتسريع عملية شفاء المرضى .
المعالجة بتقويم العمود الفقري
لطالما اعتبر المعالجون بتقويم العمود الفقري بمثابة مشعوذين . لكن هذه الأيام ولت منذ زمن لأن الدراسات أثبتت فاعلية تقنيات المعالجة بتقويم العمود الفقري في التخفيف من آلام الظهر . والواقع أن النظرية الكامنة وراء المعالجة بسيطة جدا بالفعل، حيث يقول المعالجون إن التورم والشذوذ في المفاصل وتشنجات العضلات قد تجمد مفاصل الظهر، مما يسبب ألما مزمنا، وعند تحريك هذه المفاصل على أيدي اختصاصيين، يخف التوتر وتستطيع المفاصل التحرك مجددا .
الجراحة
تتم إحالة اثنين في المائة فقط من المصابين بآلام الظهر إلى الجراحة . فهناك أربعة أسباب رئيسية تدفع إلى التفكير في الجراحة، وهي القرص المفتوق الذي يسبب ألما تحت الركبة لأكثر من شهر، وضيق قناة الحبل الشوكي، وانزياح الفقرة من مكانها، والورم أو أية مشكلة أخرى معيقة أو مهددة للحياة . ورغم تحذيرات معظم الباحثين، يدرس الجراحون دوما طرقا جديدة للتخفيف قدر الإمكان من وطأة العملية . لكنهم ينصحون بعدم القبول فورا بخيار الجراحة، وإنما طلب رأي طبيب آخر لأن الحلول الأخرى قد تجدي نفعا مع المريض . كما يجب التأكد من سؤال الطبيب عن النتائج المتوقعة ومدى نجاح العملية.