قال العلامة الشيخ عبد الحميد بن باديس ـ رحمه الله ـ :
"فإننا اخترنا الخطة الدينية على غيرها عن علم و بصيرة ، و تمسكا بما هو مناسب لفطرتنا و تربيتنا من النصح و الإرشاد ، و بث الخير و الثبات على وجه واحد و السير على خط مستقيم ، و ماكنا لنجد هذا كله إلا فيما تفرغنا له من خدمة العلم و الدين ، في خدمتهما أعظم خدمة و أنفعها للإنسانية عامة.
و لو أردنا أن ندخل الميدان السياسي لدخلناه جهرا و لضربنا فيه المثل الأعلى بما عرف عنا من ثباتنا و تضحيتنا ، و لقدنا الأمة كلها للمطالبة بحقوقها ، و لكان أسهل شيء علينا أن نسير بها على وفق ما نرسمه لها، و أن نبلغ من أنفسنا إلى أقصى غايات التأثير عليها . فإنا مما نعلمه و لا يخفى على غيرنا أن القائد الذي يقول لها : " إنك مظلومة في حقوقك ، و إني أريد أن أوصلك إليها يجد منها ما لا يجده من يقول لها : إنك ضالة عن أصول دينك ، و إني أريد هدايتك."، فذاك تلبيه كلها ، و هذا يقاومه معظمها أو شطرها ، هذا كله نعلمه ، و لكنا إخترنا ما اخترنا لما ذكرنا ، فإنا فيما اخترناه بإذن الله لماضون ، و عليه متوكلون."
"الصراط السوي" عدد رمضان1352ه - ديسمر1933، ا"لأثار"(5/286