حلم منتهى الصلاحية

حلم منتهى الصلاحية

وكأني هناك على ضفة أخرى
ألتقط مفردات لا تخص سواك
فيضك وانحسارك
مدك وجزرك
علوك وقيعانك
هنا
على هذه الضفة الخاملة
هواء مكتوم بزفير المتعبين
ضجيج ملعون بأصوات من جاءوا ينتشلون الفرح
من ماء راكد
لم يحتمل حنين الهاربين من أوطانهم الموجوعة..

سماء ألـــــــ هنا
لا تشبه سماء ألــــــــ هناك
ضبابية ابتلعت زرقتها
تثقبها نجمة يتيمة
تخالسني النظر من خلف برقعها المكفهر
تسلبني خصوصيتي
تمتص بشراهتها ضوء القمر

كم انتظرته ليشهد ضجيج صمتنا
ويسترق السمع لتراتيل أرواحنا
لا شيء هنا يشبهك
الماء الراكد ببلادة عقيمة
تقتحمه مراكب عابرة بصخبها المجنون
استرجع الذاكرة المعطوبة بالانكسارات و الخسارات
هناك في أماكن لفظتنا إلى بحور مظلمة
نلتجئ إلى بطن حوت رحيم
يلقينا إلى شط آمن
لا شط آمن هنا
لا شجر يظللنا
يشفينا من قروحات زمن سقيم
أنبش عن صورة متفردة طواها الحلم
عن لوحة رسمناها ذات لقاء بأطياف حلم
بليل الوطن الجميل
زركشناها
بأمنيات وتسابيح لوطن سيعود
أُحَيْدُ عيني مرغمة عن وجع يشاكسني
أتخطى ركود اللحظة وعذاباتها.
أطلب طبقاً من الآيس كريم
عله يبدد كآبة الحلم المبعثر على ضفة الفوضى
أتذوق طعم المرارة .. أتجرع علقم المحاولة.
تزكمني رائحة الحليب المعلب بنكهة الفساد و التزوير
لينبهني لانتهاء صلاحية الحلم في ضفة بديلة .
مرة أخرى
تأخذني تلكما العينان التائهتان في ممرات تاريخنا المنسي
تسردني بوجد الوطن .
.وتعب الترحال
تحصرني بممرات تقايضني ملامحي
..بصوت مزقه ثلج المنافي ..وبرد العزلة
وسكرات اللحظات المشنوقة على مقاصل النسيان والبحث عن الخلاص..

تسرد
حكايات ألفناها .لشخوص تركوا بصماتهم تضاريسا لجغرافيتنا المنتهكة
وتاريخنا المأزوم بوصمات العار وبصمات الخائنين .
أحملني على بساط من قلق
إلى ألــــــ هناك
بشوق الرضيع لحضنك الوسيع
يدثرني أزرقك الشفيف بعباءة الحنين ..
تتنسم روحي .......رذاذك
ليغسل هذا الضجيج المنبسط على صفحة حواراتنا
نتزمل بالصمت الجليل تارة
وتارة نكسر رتابته بقصص نبتدعها
خارجة عن ألفة اللحظة
تساءلني تلكما العينين
تشاركني طعم الآيس كريم الممسوخ الذي رفضناه للتو
نحاول مرة أخرى لملمة شظايا الحلم

لو نحن الآن هناك

لرسمنا مشهدا أجمل
وحملنا ضجيجنا على كتف الموج الصاخب
وأبحر بنا إلى عمق الأزرق
وأمتص رذاذ الحزن عن تواريخنا الممزقة
وبرذاذه البارد غسل أدران المعابر و المطارات
وطهرنا من أوساخ مدن لفظتنا ذات لجوء
وهدهد الموج صوتنا الموجوع
وألقى برواسينا المتعبة على أعتابه الحنون

و تركنا بصمتنا
في ذاكرة البحر
نتكيءعلى صخرة خضراء
نجمع أصدافا جميلة
نشكل حلما بريئا من عبث الحداثة
نبني خارطة للحلم بأصابع متمردة
ونفقأ عين التواريخ المزورة.. لتاريخنا

يسرا الخطيب